-->
تعلم درس تعلم درس
random

آخر المواضيع

random
recent
جاري التحميل ...
recent

العرف كمصدر من مصادر التشريع

تمهيد :
هناك مصدران للتشريع : مصادر أصيلة ومصادر احتياطية ، ويقصد بالمصادر الأصيلة للقاعدة القانونية تلك المصادر الرسمية التي يلتزم بها كل شخص سوا كان عمومي او خاص وبصفة ادق هذا التشريع هو القانون الصادر من السلطة المختصة بإصداره في الدوله .
والتشريع بهذا المفهوم يقصد به أنواع ثلاثة ، على درجات متفاوتة من الأهمية ، ويقصد بذلك كل من :
1) الدستور وهو التشريع الأساس للدولة .
2) ثم التشريع العادي وهو القانون الذي يصدر من السلطة التشريعية في الدولة .
3) ثم التشريع الفرعي أي المراسيم والقرارات واللوائح التي تصدر من السلطة التنفيذية بناء على قوانين تخولها حق إصدارها .
نجد أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساس في التشريع ويليها في المرتبة الثانية الدستور أي النظام الأساسي في الدولة فلا بد من أخذهما في الحسبان عند إصدار أي تشريع ثم يليهما بعد ذلك التشريع العادي أي القانون ويليه العرف كمصدر من مصادر التشريع .
العرف كمصدر من مصادر التشريع :


العرف كمصدر احتياطي للتشريع :

العرف هو ما ألفه الناس وصاروا عليه في تصرفاتهم , سوا كان فعلا أو قولا دون أن يصادم نصا , ويعتبر من أقدم مصادر التشريع الإنساني إذ أن التشريعات المختلفة ، بدأت بعادات وأعراف جعلت منها شريعة تحتكم إليها ، ولا يزال العرف إلى يومنا هذا من أهم المصادر القانونية والتشريعية ، وبعد نزول الرسالة المحمدية بالشريعة السمحة ، وجدت كثيراً من الأعراف في المجتمع العربي , فأقرت الصالح وألغت الفاسد من تلك العادات والأعراف ، والعرف الصحيح كالمصالح المرسلة , يعتبر مصدرا للفتوى والقضاء والاجتهاد فينبغي أن يراعى في عند تشريع الأحكام أو تفسير النصوص.

منزلة العرف في التشريع الاسلامى:

ارسل الله تعالى محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى الناس كافة لتنظيم جميع علاقاتهم إلى يوم القيامة ، فلا يقال أن أمرا من الأمور لا حكم له في الاسلام . لقوله تعالى { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } ، ولقوله تعالى : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } ويحرم على المسلم أن يصف فعلا أو شيئا بالحلال أو الحرام دون الاستناد إلى دليل شرعي لقوله تعالى : { وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ} .
فان لم يجد المسلمين حكم شي او فعل في الادلة الشرعية , فان ذلك ليس بسبب نقص او قصور في الادلة الشرعية وإنما هو بسبب تقصيرهم في استنباط الأحكام .
والمسلمون مأمورون شرعا أن يأخذوا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من عند الله تعالى , قال تعالى : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } والمصدر التشريعي أساس للأحكام , فلا بد أن يكون هذا الأساس متين ومحدد , لكي يبني عليه بناءً سليما ودقيقاً, وان كان غير ذلك تعرض البناء للانهيار , ولا بد أن تطمئن نفس المسلم إلى المصدر الذي يأخذ منه أحكامه الشرعية , ليتأكد انه مطيع لله فيما يصد عنه من اجل أن يحقق الغاية التي يحيا من أجلها وهى نيل رضوان الله سبحانه وتعالى . وعلى ضوء ما تقدم نبحث في موضوع العرف كمصدر من مصادر التشريع .

تعريف العرف :

العرف لغة : ضد النكر وهو يعني الامر بالمعروف غير المجهول وقد ورد بمعني الجزء المرتفع من الشيء فيقال عرف الجبل وعرف الفرس .
والعرف في اصطلاح الفقه : هو ما اعتاد الناس عليه وألفوه من قول أو عمل .
وعرفه الإمام الغزالي بقوله : العرف ما استقر في النفوس منهجه العقول وتلقته الطباع بالقبول.

تعريف العرف من ناحية قانونية :

العرف هو مصدر من مصادر القانون وهو عبارة عن قواعد لم تفرضها السلطة التشريعية إلا انها ناتجة عن ممارسة عامة وطويلة في المجتمع والعرف لا يزال له المركز الاول في بعض المجتمعات كالبدو وسكان الصحاري .
وللعرف مركزه وقوته في بعض المجالات مثل مجال التجارة حيث تسود اعراف متعدد تحكم التعامل التجاري بنوع خاص وفي القانون الدولى العام يعتبر العرف المصدر الاول وكذلك يعتبر احد مصادر القانون الدولى الخاص .
وتتكون القاعدة العرفية من سلوك معين او موقف محدد يصدر عن شخص او عن مجموعه من الاشخاص بمناسبة معينة ثم يتكرر ذلك في مناسبات اخري الى احد الذي يتولد معه الاعتقاد لدي العامه بضرورة احترامه .
ويلاحظ أن جوهر القاعدة العرفية ليس هو مجرد السلوك الذي يصدر عن ال اشخاص , وإنما هو اطراد ذلك السلوك بمعني ان مجرد السلوك يسمي عرفا , إلا بعد أن يتواتر العمل به لفترة زمنية , تطول او تقصر بحسب الأحوال بحيث يتحول بعدها الى سلوك عام يقره الافراد في المجتمع سلوكهم وتعاملاتهم , وهكذا نكون بصدد قاعدة عرفية نشأت أو تكونت .
ويشترط في القاعدة العرفية عدة شروط منها :
  1.  ان تكون العادة معمول بها منذ زمن طويل
  2.  ان تكون القاعدة مستمرة ومستقرة أي يتكرر التعامل بها
  3.  ان تكون عامة ومجردة
  4.  ان يألف الناس احترامها والالتزام بها
  5.  ان لا تكون هذه القاعدة مخالفة للنظام العام او لنص تشريعي .


مفهوم العرف :

العرف هو ما استقر في النفوس وتلقته الطباع السليمة بالقبول فعلا وقولا دون معارضة لنص أو إجماع سابق .
يفهم من هذا التعريف أن تحقق العرف يعتمد على عدد كبير من الناس اعتادوا قولا أو فعلا تكرر مرة بعد اخري حتى تمكن اثره من نفوسهم وصارت تتلقاه عقولهم بالقبول والاستئناس ومن ثم اذا لم يكن الامر المتعارف عليه شائعا بين اكثر الناس لا يتكون به عرفا معتبرا بل يكون من قبيل العادة الفردية والسلوك الشخصي والعرف أصل اخذ به الحنفية والمالكية في غير موضع النص وهو عندهم ما اعتاد الناس علية من معاملات واستقامت عليه أمورهم وقال ابن العربي المالكي إن العرف دليل أصولي بنا الله عليه الأحكام وربط به الحلال والحرام وقد اتخذ من قوله عليه الصلاة والسلام ( ما رآه المسلمون حسن فهو عند الله حسن ) والذي مفاده أن الأمر الذي يجري عليه عرف المسلون على اعتباره من الامور الحسنة يكون عند الله امر حسن وان مخالفة العرف الذي يعده الناس حسن بشروطه المعتبرة شرعا يكون فيه حرج وضيق بقوله (ما جعل عليكم في الدين من حرج ) من هنا قال علماء المذهب الحنفي والمالكي بان الثابت بالعرف الصحيح كالثابت بالنص الشرعي .

أقسام العرف :

ينقسم العرف الى اربعة اقسام رئسيه:
1) العرف اللفظي (القولي ) : هو اتفاق الناس على استعمال لفظ معين يخالف معناه اللغوي لأنه شاع بينهم استعماله بحيث اطلق هذا اللفظ فهم معناه العرفي دون معناه اللغوى كتعارف الناس على اطلاق كلمة الولد على الذكر دون الانثى مع ان الاصل اللغوى يفيد شموله لهما وكذلك عدم اطلاق لفظ اللحم على السمك مع ان اللغة لا تمنع ذلك وطلاق لفظ الدراهم على النقود الرائجة في بلد ما .
2) العرف العملي (الفعلي ) : وهو اعتياد الناس على الافعال العادية او المعاملات المدنية او التجارية وهو اما ان يكون معروفا لدي الجميع فيسمي عاما (حيث تم التعامل به لدي كافة الناس) وأما ان يكون خاصا ببلد معين ابو بحرفة معينة كتعارف الناس على تأجيل الاجرة قبل استيفاء المنفعة أو تعارفهم على البيع بالتعاطي من غير صيغة لفظية او تعارفهم على دفع مبلغ معين في الزواج قبل الدخول.
3) العرف العام : وهو الذي ألفة الناس واعتادوه في كل البلاد في وقت من الاوقات من حاجات ولوازم اصبحت جارية في اغلب الحاجات كتعارف الناس في الصناعات والحرف التجارية والجلوس في المقاهي دون تحديد المده .ودخول الحمام دون شروط وإقامة وليمة الزفاف عند الزوج وغيرها .

أولا : مزايا العرف :

يرجع الفضل في ابراز اهمية العرف ومزاياه للمدرسة التاريخية التي تعطي الاولوية للعرف على التشريع اذ تبين ان العرف :
1- يلائم ويوافق حاجات الجماعة لأنه ينشا باعتياد الناس عليه فيأتي على قدر تطلبات المجتمع باعتباره ينبثق من هذه المتطلبات فبظهور متطلبات جديدة تنشأ اعراف جديدة تزول بزوال هذه المتطلبات.
2- كما انه يوافق ارادة الجماعة ايضا باعتباره يصدر عنها وينشأ في ضمير الجماعة فهو قانون اكثر شعبية من التشريع لان مصدره الشعب بينما التشريع يصدر من السلطة فيوافق ارادتها فقط وقد سبق القول بان القوانين اذا صدرت بهذا الشكل لم تستمر طويلا
3- ان العرف قابل للتطور وفقا لتطور الظروف الاجتماعية والاقتصادية فهو يتطور بتطور المجتمع ويزول اذا زالت الحاجه التي ادت الى ظهوره.

ثانيا : عيوب العرف :

يمكن ابراز عيوب العرف في المسائل التالية :
1- العرف بطئ التكوين وكان يعتمد علية في مرحلة كان فيها التطور الاقتصادى والاجتماعي بطيئين . ولكن الان مع سرعة تطور المجتمع في جميع المجالات لا يمكن الاعتماد علية في تطوير المجتمع في الحالات التي تتطلب السرعة .
2- العرف متعدد بل قد يكون محليا خاصا بمنطقه معينة مما يؤدى الى تعدد القواعد القانونية بينما التشريع موحد يطبق على الكافه لهذا يظل التشريع اول مصدر للقانون وأهمه , لأنه يحقق وحدة القانون والأمن والاستقرار لأي جانب كونه قابل للتطور بسرعة كلما تطلبت الاوضاع ذلك فيتم الغاء التشريع القديم او تعديله وإصدار تشريع جديد .
3- ان القواعد العرفية مرنة , وعدم كتابتها يجعلها صعبة بحيث يكون من العسير ضبطها بينما التشريع يسهل ضبطه لكونه مكتوبا.
ولا تعني هذه العيوب ان العرف قليل الاهمية ولكنه يعد اقل فائدة من التشريع وتظل له مكانه بحيث يعد المخرج العملى في حالة عدم وجود نص تشريعي اذ يرجع القاضي على العرف الجاري كما ان المشرع يستعين بالعرف في مسائل معينة لأنه بصددها إذ هنالك مسائل تقتضي طبيعتها ان تكون لها حلول متنوعة قابلة للتغير ويفضل عدم تجميدها او تقييدها بنصوص تشريعية تحول دون تطورها المستمر .
للعرف ركنان ركن مادي وركن معنوي يميزه عن العادة الاتفاقية .

أولا : الركن المادي :

ويتمثل في اطراد او تكرار سلوك الناس في مسألة معينه بما يكفي لإنشاء عادة تتوفر فيها شروط اساسية وهى :
1) أن تكون عامة ويكفي ان تكون كذلك ولو كان العرف محليا او مهنيا .
2) أن تكون قديمة أي مضت على ظهورها مدة كافية لتأكيد استقرارها وتختلف هذه المده باختلاف البيئة وهكذا تتحقق الاقدمية للعادة التي تنشا في البيئات التجارية لكثرة تكرارها في وقت اقصر مقارنة بالعادة التي تنشا في بيئة زراعية .
3) أن تكون العادة ثابتة أي اتبعت بنفس الصورة منذ ظهورها بغير انقطاع .

ثانيا : الركن المعنوي :

أي اعتقاد الناس بإلزامية العادة أي شعورهم كافة بأنهم ملزمون بأتباع هذه العادة لأنها اصبحت قاعدة قانونية ويتعرضون لجزاء في حالة مخالفتهم لها ولا يوجد ضابط يمكن الاستناد الية لتحديد الوقت الذي يتم فيه توافر الشعور بإلزام العرف , ولكن ينشا هذا الشعور تدريجيا , ومتي ما استقرت اصبحت العادة عرفا والركن المعنوي هو الذي يفرق بين العرف والعادة اذ لو افتقدت العادة الركن المعنوي ظلت عادة فقط وليس عرفا فتكون غير واجبة التطبيق كما ان التقاليد الاجتماعية كالعادة المتعلقة بآداب الزيارة والتهنئة وتقديم الهدايا في المناسبات حتى لو كانت عادات عامة ثابتة وقديمة فأنها ليست عرفا لعدم شعور الناس بالزاميتها فمخالفتها لا يترتب عنها جزاء .

العرف , والعادة الاتفاقية :

يشترط العرف توفر الركنين المادى والمعنوى في نفس الوقت ومن ثم يتميز عن مجرد العادة التي يعمل بها دون أن يسود الاعتقاد بإلزامها ولا يتحقق هذا العنصر إلا باختيار الأفراد حينما يعبرون عن إرادتهم إزاءها بالاتفاق على الأخذ بها ولذلك يطبق عليها العادة الاتفاقية. وبما ان العادة يكون الزامها بالاتفاق عليها فهي تختلف عن القاعدة المكملة تشريعية كانت او عرفية التي لا يلزم تطبيقها إلا اذا لم يوجد الاتفاق على خلافها وجدير بالذكر ان العادة غالبا ما تنهي الى ان تصير عرفا وذلك حينما تتوفر على عنصر الالزام المبني على عقيدة عامة في وجوب احترام السنة التي تجري بها العادة ووجوب كفالة هذا الاحترام بقوة القهر المادي التي تمارسها السلطة العامة ويترتب على التفرقة بين العرف والعادة الاتفاقية نتائج هامة نذكر من بينها ما يلي العرف كأي قاعدة قانونية يطبق في شأنه لا عذر بجهل القانون اما العادة هي واقعة مادية اساس الزامها اتفاق الافراد فلا يصح افتراض العلم بها .
العرف كقاعدة قانونية يلزم القاضي حتى ولو لم يطلب الخصوم تطبيقه على خلاف العادة التي لا تطبق إلا عند التمسك بها من احد المتقاضيين ومن ثم يقع عليهم اثبات وجودها المادي في حين يلزم القاضي بمعرفة العرف كما يلزم بمعرفة القانون بوجه عام وان كان له ان يتوسل بكل الطرق للوقوف على العرف بما فيها الاعتماد المقدم من الخصوم وخاصة عندما يتعلق العرف المراد اثباته بمهنة معينة حيث تكون الكلمة الحاسمة لذوي الاختصاص والكلمة الاخيرة للقاضي بمقتضي سلطته التقديرية وان كان يخضع في هذه السلطة لرقابة المحكمة العليا باعتبار العرف قانونا احال علية التشريع صراحة ولا يخضع القاضي لهذه الرقابه عندما يتعلق الامر بالعادة إلا في حدود اثبات متقاضين وجود اتفاق بينهما بشان هذه العادة فيطبق انذاك المبدى القانوني العقد شريعة المتعاقدين مما يخول المحكمة العليا سلطتها في الرقابة على تطبيق هذا المبدأ .
من وظائف العرف الأساسية دوره التكميلي للتشريع وهذا عند سكوت هذا الاخير ولكن للعرف وظائف اخري فقد يلعب دور مساعد للتشريع غالبا بإحالة من هذا الاخير .

العرف المكمل للتشريع :

إن الدور الاساسي للعرف باعتباره مصدرا رسميا احتياطيا للقانون هو دوره المكمل للتشريع فإذا وجد نقص في التشريع فيمكن ان يلجأ اليه لحل نزاع قانوني مثلا لكن لا بد من معاينة القاضي لهذا النقض في التشريع من جهة ولعدم امكان لسد هذا النقض باللجوء الى مبادئ الشريعة الاسلامية باعتبارها المصدر الاحتياطي الاول ويعلل الفقه دور العرف المكمل في القوانين التي لا تجعل منه مصدرا احتياطيا صراحة بأمرين :
1- ان سكوت المشرع عن مسألة معينة يعتبر بوجود عرف ثابت يدل في ذاته على صحة السلوك المتبع مما يستبعد الحاجة لتدخل المشرع لتغيره,
2- انه عند سلوك القانون من الافضل الاعتراف للعرف الموجود بالقوة الالزامية لما في ذلك من ضمان للاستقرار القانوني , فالنظام القانوني يكون انذاك مزودا بقاعدة سلوك مشهورة وشائعة يمكن لأي شخص ان يرجع اليها على الاقل طالما لم يتدخل التشريع بما يتنافى معها ويلعب العرف دوره على هذا النحو أي كمصدر رسمي تكميلي بالنسبة لكل المعاملات التي تسري في شانها مختلف فروع القانون على ان هذه القاعدة لا تطبق بنفس الوتيرة والقوة بالنسبة لكل فروع القانون فمثلا بالنسبة لقانون العقوبات حيث يسود مبدأ لا جريمة ولا عقوبة ولا تدبير امن بغير قانون هنا لا مكان لا اطلاق للعرف بوصفة مصدر تكميلي ومن ثم فعلى القاضي حينما لا يجد نص تشريعي يقضي بتحريم الفعل والعقاب عليه وان يحكم بالبراءة دون تردد .
أما بالنسبة للقانون التجاري فنظرا للمكانة المتميزة للعرف في هذا القانون فان هذه القاعدة قد تستبعد اصلا للسماح لقاعدة عرفية بمخالفة قاعدة تشريعية . كما تجدر الاشارة الى ان القواعد العرفية تتمتع بمكانه خاصة في مجال القانون الدولى ولكن يتعلق الامر هنا بالعرف الدولى لا العرف المحلى او ال اقليمي .

العرف المساعد للتشريع :

يمكن ان يلعب العرف دور مساعد للتشريع ويلاحظ في هذا الصدد ان التشريع ذاته غالبا ما يحيل على العرف كما هو الشأن في القواعد المكملة التي غالبا ما تنتهى بالعبارة التالية ما لم يوجد اتفاق او عرف يقضي بغير ذلك . وقد يلعب العرف دورا في تحديد مضمون النص التشريعي ومن امثلة ذلك القاعدة التي تقرر ان العقد لا يقتصر على الزام المتعاقد بما ورد فيه فحسب بل يتناول ايضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام وهكذا يمكن الاستعانة هنا بالعرف لتحديد المقصود بعبارة مستلزمات العقد ونفس الامر بالنسبة للعيوب التي يتضمنها المؤجر ومسؤولية البائع عن النقص في مقدار المبيع التي تحدد بحسب ما يقضي به .
كما يكون للعرف ايضا دور في الكشف على القصد عند المتعاقدين وهكذا يحيل القانون على العرف للاسترشاد به من طرف القاضي للتعارف على نية المتعاقدين دون الوقوف عند المعني الحرفي للألفاظ مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل وبما ينبغي ان يتوافر من امانة وثقة بين المتعاقدين وفقا للعرف الجاري في المعاملات .
أساس القوه الملزمة في العرف :
طرحت في الفقه الاسلامي مسالة الاساس الذي يستمد منه العرف قوته الالزامية واقترحت في هذا الصدد عدة نظريات من بين هذه النظريات تلك التي تبني الزام العرف على ارادة المشرع , ولكن سبق العرف للتشريع كاف لدحض هذه النظرية وهجرها والبحث عن اساس آخر وهكذا اوجد الفقه اساس الضمير الجماعي باعتبار ان القانون استند الى المذهب التاريخي ينشأ , وينمو في ضمير الجماعة والعرف افضل وسيلة للتعبير عن ذلك والكشف عنه مباشرة لكن الى هذا الحد يكون المذهب التاريخي قد اسهم في بيان العناصر المكونه للعرف وخاصة العنصر المعنوي دون ان ينفذ الى جوهر اساس الزام العرف لغموض الفكرة المبنية عليها اصلا النظرية التاريخية.
اقترح كذلك اساس آخر هو الاساس القضائي بمعني ان العرف يأخذ قوته الالزامية بعد اخذ المحاكم به ولا شك أن هذه الفكرة لها ما يبررها في نظام السوابق القضائية ( النظام الانجليزي ) ولكن يكفي الرجوع الى الزامية القواعد العرفية المهنية لدحض هذه النظرية التي لا تستقيم أيضا من زاوية كون القضاء يطبق القانون الذي يسبق الزامه كل ما هناك ان القضاء يمكن ان يساعد في تحديد مضمون العرف , وتدعيم قوته الالزامية وهكذا ينتهي الرأى الغالب الى ان للعرف قوة إلزامية ذاتية معترف بها من السلطة العامة .

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

تعلم درس

2020